بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين
أما بعد
فقد سأل الاخ الفاضل فلسطين في موضوع الخجل
سأل هل الخجل هو نفسه الحياء؟؟
وهذه الإجابة سألا الله ان يستفيد الجميع
هناك فرق كبير بين الخجل والحياء فالإنسان الذي
يتمتع بالحياء هو إنسان رائع ومحبوب من الناس ويراعي شعور الناس إلى ابعد
حد وهو مستمع جيد ومتحدث جيد بعكس الخجل
تعريف الحيـــاء : الحياء هو التزام مناهج الفضيلة وآداب الإسلام .
فالحياء هو الذي يتصف به المسلم حين قال الرسول عليه الصلاة والسلام (الحياء شعبة من شعب الإيمان) و هو صفة محمودة لأنه يكبح الأعمال الغير أخلاقية وهو خلق الإسلام ولا يأتي إلا بخير .. فهـــــــــو دليل على تكامل الأدب
اثر الحيـــاء على النفس : تطمئن إليه النفس ولا تنزعج منه وتتوافق معه من داخلها .
عواقب الحيـــاء : لا يترتب عليه تفويت مصالح او ضياع حقوق والاستسلام والخضوع للآخرين بذله .
أمثله على الحياء : الحياء من الناس عند انكشاف العورات والحياء من الضيف والمبادرة بإكرامه وحياء الفتاة البكر عندما تسأل عن رغبتها في الزواج
تعريف الخجل : هو الخوف من الناس و التصريح
عن الانفعالات العادية وهو غير محمود لما يترتب عليه من تفويت المصالح او
الرضا بالإذعان ونحو ذلك كانكماش الولد أو بنت وانطوائه وتجافيه عن ملاقاة
الآخرين .
قد يتحول بعض الأحيان الخجل إلى رهبة و خوف و قد يصل إلى رهاب من الناحية
العلمية لأن الخوف يولد انفعالات عصبية ينتج عنها هرمون يسبب حالة من
اليقظة الكاذبة التي تؤدي الى "ضغط الدم ، و الصداع ، و النسيان المتكرر ،
و النوم الغير منتظم " .
ان الأشخاص الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي / الخوف الغير مبرر من الناس
- يجدون صعوبة فبي التكيف مع البيئة المحيطة بهم ، و يواجهون مشاكل من
أهمها تدني مستوى الثقة بالنفس الذي يؤدي في النهاية لحالة من السلبية
والحياء من الأخلاق الرفيعة التي أمر بها الإسلام وأقرها ورغب فيها. وقد
جاء في الصحيحين قول النبي : { الإيمان بضع وسبعون شعبه فأفضلها لا إله
إلا اللّه وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان }.
وفي الحديث الذي رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين: { الحياء والإيمان قرنا جميعاً فإذا رفع أحدهما رفع الآخر }.
والسر في كون الحياء من الإيمان: لأن كل منهما داع إلى الخير مُقرب منه
صارف عن الشر مُبعد عنه، فالإيمان يبعث المؤمن على فعل الطاعات وترك
المعاصي والمنكرات. والحياء يمنع صاحبه من التفريط في حق الرب والتقصير في
شكره. ويمنع صاحبه كذلك من فعل القبيح أو قوله اتقاء الذم والملامة.
ورب قبيحة ما حال بيني *** وبين رركوبها إلا الحياء
وقد قيل: ( الحياء نظام الإيمان فإذا انحل نظام الشيء تبدد ما فيه وتفرق )
فالحياء ملازم للعبد المؤمن كالظل لصاحبه وكحرارة بدنه لأنه جزء من عقيدته
وإيمانه ومن هنا كان الحياء خيراً ولا يأتي إلا بالخير، كما في الصحيحين
عن النبي : { الحياء لا يأتي إلا بخير } وفي رواية مسلم: { الحياء خير كله
}
وفي الصحيحين أن النبي مر على رجل يعظ أخاه في الحياء: أي يعاتبه فيه لأنه
اضر به، فقال له الرسول : { دعه فإن الحياء من الإيمان } فقد أمر الرسول
ذلك الرجل أن يترك أخاه ويبقيه على حيائه ولو منع صاحبه من إستيفاء حقوقه.
إذ ضياع حقوق المرء خير له من أن يفقد حيائه الذي هو من إيمانه وميزة
إنسانيته وخيريته.
ورحم الله امرأة كانت فقدت طفلها فوقفت على قوم تسألهم عن طفلها فقال
أحدهم: تسأل عن ولدها وهي تغطي وجهها. فسمعته فقال: ( لأن أرزأ في ولدي
خير من أن أرزأ في حيائي أيها الرجل ). سبحان الله.. أين هذه المرأة من
نساء اليوم تخرج المرأة كاشفة وجهها مبدية زينتها لا تستحي من الله ولا من
الناس أضاعت ولدها فعند الله لها العوض والأجر أما المرأة التي حياءها
وإيمانها فما أعظم الخسارة وما أسوأ العاقبة.
أما انقباض النفس عن الفضائل والإنصراف عنها فلا يسمى حياء. فخلق الحياء
في المسلم غير مانع له من أن يقول حقاً أو يطلب علماً أو يأمر بمعروف أو
ينهى عن منكر. فإذا منع العبد عن فعل ذلك باعث داخلي فليس هو حياء وإنما
هو ضعف إيمانه وجبنه عن قول الحق: وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ
[الأحزاب:53]... فهذا النبي مع شدة حيائه إلا أنه لم يكن يسكت عن قول الحق
بل كان يغضب غضباً شديداً إذا انتهكت محارم الله.. فمن ذلك عندما شفع مرة
عند رسول الله أسامة بن زيد حب رسول الله وابن حبه فلم يمنعه حياؤه من أن
يقول لأسامة في غضب: { أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة والله لو سرقت
فاطمة لقطعت يدها }
ولم يمنع الحياء أم سليم الأنصارية أن تقول: يا رسول الله إن الله لا
يستحي من الحق فهل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ فيقول لها ولم يمنعه الحياء
في بيان العلم: { نعم، إذا رأت الماء } إذاً الحياء لا يمنع من الإستفسار
والسؤال عما جهل من أمور الدين وما يجب عليه معرفته وقد قيل: ( لا يتعلم
العلم مستكبر ولا مستح ). وهناك من النساء من يمنعها حياؤها بزعمها من ترك
بعض العادات المحرمة التي اعتادت عليها في مجتمعها مثل مصافحة الرجال
الأجانب والإختلاط بهم فلا تتحجب من أقارب زوجها ولا تمنع دخولهم عليها في
بيتها حال غياب زوجها، والنبي يقول: { إياكم والدخول على النساء } [صحيح
الجامع]. فإذا كان خير الخلق لا يصافح نساء الصحابة وهن خير القرون فما
بال رجال ونسوة في عصر كثر فيه الشر وأهله أصبحوا لا يرون في المصافحة
بأساًَ. محتجين أن قلوبهم تقية ونفوسهم نقية؟ فأيهم أزكى نفساً وأطهر
قلباً؟ أهذا الغثاء أم تلك النفوس الكبيرة؟ فضلاً عن أن الرسول حذر من مس
النساء فقال: { لأن يُطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة
لا تحل له } [صحيح الجامع].
ومن الناس من يتساهل في إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجة أنه
يستحي من الإنكار على الناس. ومن ذلك ما يفعله بعض الناس من مجاملة بعضهم
لبعض في سماع الغيبة أو سماع أي من المنكرات أو رؤيتها، ونحوها فهذا جبن
مذموم كل الذم وصاحبه شريك في الإثم إن لم ينكر أو يفارقهم.
والله عز وجل قال: كُنتُم خَير اُمةٍ أخرِجت لِلنّاسِ تَأمرونَ بالمَعروف
وَتَنهُونَ عَنِ المُنكرِ وَتُؤمِنُونَ باللّه [آل عمران:110].
وقد حذرنا رسول الله من التساهل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال:
{ والذي نفسي بيده لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن
يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعوه فلا يستجاب لكم }
وينقسم الحياء من حيث الأصل إلى قسمين:
) حياء فطري غريزي.
2 ) حياء مكتسب.
قال القرطبي: ( الحياء المكتسب هو الذي جعله الشارع من الإيمان غير أن كن
كان فيه غريزة الحياء فإنها تعينه على المكتسب وقد يتطبع بالمكتسب حتى
يصير غريزياً... وهذا قول صحيح ومعلوم بالتجربة في مجال التربية فإن
المتربي قد يكون في بدايته لا يملك حياء غريزياً أو أن عنده حياءاً
غريزياً ناقصاً ثم ينشأ في جو ينمي بواعث الحياء في قلبة ويدله على خصال
الحياء فإن هذا المتربى سيكتسب الحياء شيئاً فشيئاً ويقوى الحياء فى قلبه
بالتوجيه والتربيه حتى يصبح الحياء خلقاً ملازماً له، وقد قال بعض
الحكماء: ( احيو الحياء بمجالسة من يستحيا منه ) وهذا الكلام بديع المعنى
بعيد الفقه.. حيث أن كثرة مجالسة من لا يستحيا منه لوضاعته أوحقارته أو
قلة قدره ومروءته تخلق في النفس نوع التجانس معهم ثم إن قلة قدرهم عنده
تجعلة لا يستحي منهم فيصنع ما يشاء بحضرة هذه الجماعة فيضعف عنده خصلة
الحياء شيئاً فشيئاً فيتعود أن يصنع ما يشاء أمام الناس جميعاً. أما
مجالسة من يستحيا منه لصلاحهم وعلو قدرهم فأنها تحيي في القلب الحياء فيظل
الإنسان يراقب أفعاله وأقواله قبل صدورها حياء ممن يجالسه فيكون هذا خلقاً
له ملازماً فتتعود نفسه إتيان الخصال المحمودة ومجانية وكراهية الخصال
المذمومة.
الحاصل: أن مجالس الأخيار تقوي الحياء المكتسب وتنميه، أما مجالسة الأرذال فإنها تحول بين العبد وبين اكتساب الحياء.
ونتعلمه من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: "استحيوا من
الله حق الحياء، قلنا: إنا نستحيي من الله يا رسول الله والحمد لله
قال: ليس ذلك .. الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما
وعى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة
الحياة ، وآثر الآخرة على الأولى، فمن فعل استحيا من الله حق الحياء "
1