أن
نجدد البيعة لـه، يقول الله عز وجل: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ
فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ (آل
عمران: 31)، ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي﴾ أي
فاتبعوا رسول الله، لاحِظوا هذا الربط، يقول لي الله عز وجل: «أتحبني؟
أتحب مولاك وخالقك؟»، «نعم يا رب». قَدِّم البرهان على ذلك. برهان محبتي
لله اتباعي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ
أَطَاعَ اللهَ﴾ (النساء: 80). تعالوا نجدد بيعتنا لرسول الله صلى الله
عليه وسلم ، تركَنا على سنة بيضاء نقية ظاهرها كباطنها لا يزيغ عنها إلا
هالك، لا تبتعدوا عنه، لا تبتعدوا عن سنة نبيكم المصطفى صلى الله عليه
وسلم .
أعود إلى ذلك الحديث الذي تشوق فيه رسول الله إلينا. أقول «إلينا»، آملاً
أن نكون نحن من أولئك الذين اشتاق إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
حديثٌ نصفه الأول بِشَارة ونصفه الآخر إنذار، قال: «سأكون فرَطاً لهم على
الحوض» أي سأستقبلهم على الحوض، قال له أحد أصحابه: أتعرفهم يا رسول الله،
يعني أنت لم ترهم، قال: «أرأيتم لو أن رجلاً له خيول غُرٌّ مُحَجّلة في
خيول دُهْمٍ بُهم أفكان يعرفها؟» قالوا: نعم.
أفرأيتم لو أن رجلا له خيول غُرٌّ، أي لها صبغة بيضاء على جبينها ولها
أَسورة بيضاء على قوائمها، هذا معنى «غُر محجلة»، وسط خيول «دُهم بهم»، أي
سوداء أفكان يعرفها، قالوا: نعم، قال: «فأنا أعرفهم غرّاً محجلين من آثار
الوضوء»، ثم قال: «ألا لَيذادَنَّ رجال عن حوضي» أي ليطردن رجال عن حوضي
كما يذاد البعير الضال، فأقول: «ألا هلمّ، ألا هلم» فيقال: إنك لا تدرك كم
بدّلوا من بعدك، أقول: «فسُحقاً، فسُحقاً، فسحقاً».
تعالوا نحرص على أن نتبع حبيبنا المصطفى ولا نبدّل ولا نغير، انهم
تُدْعَوْن بين الحين والآخر إلى التغيير، إلى التبديل، إلى التطوير،
إياكم!. والله إنها رُقية شيطان، اثبتوا على العهد، نفِّذوا وصية رسول
الله صلى الله عليه وسلم يوم قال وهو في مرَضه الذي توفي فيه: «ولسوف
تجدون أثرةً من بعدي فاصبروا حتى تَلْقوني على الحوض». اصبروا على الشدائد
إن رأيتموها شدائد، اصبروا على أوامر الله يُعنكم الله سبحانه وتعالى.
هل تعلمون أعظم مزية متع الله بها رسوله المصطفى؟ إنها مزية الأخلاق
الإنسانية الرفيعة، وما أعلمُ أن الله أثنى على حبيبه المصطفى بمزية أجلّ
وأسمى وأبقى من مزية الأخلاق التي صاغه الله عز وجل عليها ﴿وَإِنَّكَ
لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (القلم: 4). قِفوا أمام هذه الكلمة الموجزة التي
لا تتناهى معانيها، والتي تنبض بدلائل محبة الله سبحانه وتعالى لرسوله،
﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾، «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».