ولد محمد ( ص ) في مكة
المكرمة عام 571 للميلاد , الذي يسمى عام الفيل . ومارس في طفولته رعي
الغنم كما مارسه إخوته الأنبياء من قبل لأنه نشأ نشأة فقيرة ذاق فيها
مرارة اليتم والحرمان , فصقل هذا الفقر شخصيته وجعله يعتمد في تحصيل رزقه
على نفسه .
كان المجتمع الذي عاش فيه محتمع جهل وفساد واضطراب . فكره هذا المجتمع وما
فيه واعتزله ولم تكن هذه العزلة فرارا من المجتمع بالذات ولكن فرارا مما
انطبع عليههذا المجتمع من عادات وتقاليد واعتقادات . فكان ( ص ) دائم
التأمل والتفكر في ملكوت الله كثير الإهتمام بأمور المجتمع الذي عاش فيه
وكيف يستطيع إنقاذه . فانعكس هذا التأمل والتفكر والإهتمام على سلوكه
فأصبح ذا شخصية متميزة فريدة من نوعها لذلك اختار له قومه لقب " الأمين " .
نزل الوحي بعد أن اعتزل المجتمع في غار حراء وتلقى دعوة الله تعالى وأمر
بتبليغها للناس . فانطلق من قوة يعلنها بين ظهرانيهم . فاستغربوا هذه
الدعوة باديء الأمر وحاربوه بكل الوسائل المعوقة لنشر الدعوة , واضطهدووا
جميع من آمنوا به وصدقوه .
أشار على أصحابه في أول الأمر بالهجرة إلى الحبشة بحثا عن الجو الهاديء
الآمن . ثم حول الهجرة إلى المدينة المنورة لموقعها الإستراتيجي المميز
على طريق القوافل التجارية لأهل مكة . ليتمكن فيها من نشر دعوته والحصول
على أكثر عدد من المؤيدين . فكان له ما أراد وبدأت بعدها الفتوحات . وظل
يدعو بدعوته ثلاثا وعشرين سنة إلى أن توفي في المدينة المنورة عام 632
للميلاد .
وكان قد تم بوفاته نزول جميع آيات القرآن الكريم . فحمل لواء الدعوة من
بعده أصحابه وجمعوا القرآن الكريم في مصحف في زمن عثمان بن عفان , وحملوا
تعاليمه أخلاقا وسلوكا في كل بلد حلوا فيه مما دعا الناس إلى الدخول في
الإسلام أفواجا بعد أفواج .
حاول الكثيرون من المغرضين طمس معالم شخصيته حسدا من عند أنفسهم من بعد ما
تبين لهم الحق . إنه شخصية كبرى في تاريخ العالم فضلا عن أنه نبي مرسل ,
آمن برسالته الإسلامية ما يربو على السبعمائة مليون إنسان ونيف . هدفت
الفتوحات الإسلامية إلى نشر دعوته السمحة وأنقذت في الحقيقة جوانب كثيرة
من الحضارة اليونانية والرومانية , وجنبتها الإنقراض , بل ورفدتها بدعم
علمي وكنوز ثقافية وأدبية لا تزال المرجع الأول في المكتبات العالمية بشتى
أنواع العلوم والآداب . فأفادت بذلك البشرية فائدة لا يمكن تقديرها