إبداعات وسام الإشراف
عدد الرسائل : 260 العمر : 40 البلد : السٌّمعَة : 0 نقاط : 771 تاريخ التسجيل : 26/01/2009
| موضوع: المهمَّشون في مجتمع منطقة مكة المكرمة الأربعاء 27 مايو - 3:41:58 | |
| د. عبدالله مرعي بن محفوظالمهمشون، ليس هم من وضعوا أنفسهم في مأزق المتخلفين، وليس هم من يرفضون تصحيح أوضاعهم من أجل التمازج والانخراط داخل المجتمع السعودي، بل إن المهمشين في المناطق العشوائية يريدون أن يعيشوا حياة كريمة بعيدة عن التمييز والاستغلال بأبسط معايير الحقوق الإنسانية والشخصية التي تثبت وجودهم من عدمهم، ولعل القارئ والمتابع للأعمال الأدبية السعودية من رواية أو قصة يجد هذا الجزء من المجتمع بشكله الواسع في بنية الرواية السعودية كما طرحها فهد العتيق في روايته (كائن مؤجل) وعبده خال ورجاء عالم وغيرهم الكثير.نعم... هناك فرق بين جاليات لها أربعون عاماً تقيم على ارض الوطن وبين المتخلفين من رحلة العمرة والحج لأجل العمل بدون إقامة نظامية، وهذه القضية لا يوجد ما يجعلنا نخاف منها أو نستحي من الحديث عنها إعلامياً، فالمجلس البلدي ومراكز الأحياء والغرف التجارية والصناعية وضعت معوقات المعيشة وحقوق أبناء الجاليات على طاولة المسؤولين في منطقة مكة، مع استغرابي لبعض الإدارات الحكومية التي تتوجس من الإعلام للمشاركة العلانية في مثل هذا الموضوع الذي يؤثر في أعمالهم اليومية، خاصة وأن محاضر مجالس منطقة مكة المكرمة منذ عهد الأمير ماجد والأمير عبدالمجيد -رحمهما الله- ناقشت هذا الأمر نقاشاً مستفيضاً ورفعت فيه الحلول المختلفة، وهي لا زالت مضمونة في توصيات مجلس المنطقة السابقة، ولكن من كان يتابع تنفيذها؟.وحول هذا الموضوع حضرت الأسبوع الماضي لقاء لهيئة مراقبة حقوق الإنسان الدولية ، واللقاء ضم عدداً من رجال الحقوق والقانون ورجال المجتمع للاستماع لجهد Human Rights Watch في منطقة الشرق الأوسط ، وقد انحصر النقاش في دورهم في أحداث غزة ودورهم في دعم حقوق المرأة في السعودية، وهو دور محمود وجهد مشكور من المنظمة العالمية.ولكن إذا بحثنا في أولويات الحقوق، نرى أن حل القضايا الكبيرة التي تولتها الهيئات الحقوقية الوطنية أوسع وأشمل من القضايا الثانوية التي تثيرها الهيئات الدولية في السعودية، إضافة إلى أنني توقعت منهم أبحاثاً ودراسات بدلا من تقارير ومقابلات، وتوقعت في اللقاء جهوداً عملية تلامس احتياجات جاليات كبيرة في السعودية يتجاوز مجموع أفرادها 2 مليون إنسان، ولكن من الواضح أن المنظمات الدولية تلعب على وتر المرأة السعودية كثيراً ؟.كنتُ انتظر من منظمة (Human Rights Watch) حلولاً جذرية أو دراسات بحثية تحدد أعداد المهمشين والمواقع التي يعيشون فيها داخل مجتمعنا، وحلولاً عملية نتجاوز بها العوائق النظامية لدمجهم داخل المجتمع السعودي كما فعلت جزئياً الهيئات الحقوقية الوطنية، وهذا الأمر يدفعني للقول إننا نهتم بما يثار في أروقة الإعلام الخارجي أكثر مما نحتاجه فعلياً داخل الوطن، وهذا الأمر يدفعني بأن نعترف بأن هناك من الكتاب والمثقفين من يحاربون جهود إمارة منطقة مكة المكرمة وأماناتها لوضع الأسس النظامية والواقعية للعشوائيات في أحياء جدة ومكة والطائف والتي أرهقتها سنوات عدم المتابعة لمشاكلها، وكانت النتيجة بأن (رُحل) الحل للمستقبل البعيد، وخلالها تكونت أجيال وأجيال ينظرون للمستقبل بعيون مجهولة تبصر القليل وتعمى عن الكثير اسمهم الحقيقي (المهمشون) وليس (المتخلفون) في المناطق العشوائية، هؤلاء لم يخالفوا الأنظمة والتعليمات واقصد تحديداً (الأفارقة والبرماويين والبلوش) حيث كانت الأنظمة سابقاً تقدم لهم الدعم والتسهيل في إجراءات الإقامة والعمل، هؤلاء تلمح في أعينهم الرغبة في العيش بسلام وأمان ويلاحظهم المواطن كم هم عطشى للقمة العيش وتوفير سبل الأمن والعيش الكريم، هؤلاء لا يهتمون بالسياسة بشيء ولا يلقون لها بالاً، فمستقبل أبنائهم يشغلهم عن سمات التعصب الديني أو الاجتماعي.هؤلاء العاطلون عن العمل حسب النظام، لا يتيح لهم العمل سوى لدى الكفيل وهم في الغالب على كفالات آبائهم وأقربائهم مع أن أعمارهم تجاوزت الثلاثين ولديهم زوجات وأطفال، هؤلاء يشكلون فعلاً ظاهرة تستحق الحل الجذري، فهم ضحايا حكوماتهم السابقة ونتاج الاستعمار القديم، فحياتهم في الهواء الطلق أصعب من حياة المساجين النظاميين داخل السجون، حيث يسكن أغلبهم العشوائيات وكأنها قبور وهم أحياء فإذا مات الواحد منهم ازدادت مشاكل العائلة صعوبة وتعقيدا بمقر الدفن وتأمين المستقبل.هذه الجاليات قد تكون لها عاداتها وتقاليدها في الجيل الأول في السبعينات، أما بالنسبة للجيل الثاني والثالث الذي ولد وتربى على أرض المملكة العربية السعودية فقد اكتسب كل العادات والتقاليد الاجتماعية، وذاب أغلبهم تماماً في النسيج الاجتماعي السعودي، بل واندمج معه بتلقائية متناهية، ولعل حب هذه الجاليات لأرض الحرمين الشريفين له أثر كبير في ذلك، فهم يكنون لأهل هذا الوطن حكومة وشعباً حباً كبيراً واحتراماً عميقاً في نفوسهم نتيجة ما لقوه منهم من كرم الضيافة وحسن الإقامة بعد أن عذبوا وشردوا من ديارهم قبل أكثر من خمسين عاما.وأقرب تجربة عشت وقائعها عن قرب، من أصدقاء لي في مكة وزملاء دراسة في المراحل المختلفة، فمنهم الأفارقة الذين يعيشون في حي (منصور) ومنهم البلوش الذين يعيشون في حي (الششة) ومنهم البرماويون الذين يعيشون في (قوز النكاسة)، والذين يبلغ تعدادهم اليوم قرابة 350 ألفا، ولهم أقرباء سعوديون يصلون إلى أكثر من 70 ألف مواطن.ختاماً إن المملكة العربية السعودية يفرض عليها واقعها الديني خلق هوية مشتركة نابعة من (الإسلام) لتستوعب انتماءات هؤلاء الجاليات حسب النظام الذي تراه مناسباً لأمنها واستقرارها الاجتماعي لتحقق أكبر قدر من التمازج والمساواة داخل المجتمع بدرجة أساسية، ويأتي هذا الأمر متوافقاً مع نهج الدولة في بسط الأمن والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، لأعود في نهاية الأمر إلى بداية الموضوع، بأننا قادرون على حل مشاكلنا داخل إطار الوطن بالتعاون مع الهيئات الوطنية وليس الدولية.المصدر: صحيفة المدينة، الأربعاء 27 مايو 2009رابط المقال:http://al-madina.com/node/141637 | |
|
المدير العام Admin
عدد الرسائل : 1084 العمر : 37 البلد : المهنة : الهواية : السٌّمعَة : 6 نقاط : 198 تاريخ التسجيل : 20/03/2008
| |