المدير العام Admin
عدد الرسائل : 1084 العمر : 37 البلد : المهنة : الهواية : السٌّمعَة : 6 نقاط : 198 تاريخ التسجيل : 20/03/2008
| موضوع: دعوة غير المسلمين قواعد وأصول الأحد 29 يونيو - 4:20:43 | |
| السؤال
السلام عليكم،
ما هي الخطوة الأولى التي يجب أن أتبعها لدعوة غير المسلمين إلى الإسلام؟.
ثم، ما هي باقي الخطوات لكي يسلموا إسلاما حقا وصحيحا؟
الجواب
أشكر لك سؤالك هذا واهتمامك بأمر الدعوة إلى الله، والتي هي مهمة الأنبياء والرسل الكرام عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم.
إن الحديث عن دعوة غير المسلمين قضية هامة، كونها تبرز في هذا العصر الذي يشهد تساقط النظريات والثقافات على أرض الواقع، ويشهد في نفس الوقت تقدم الإسلام ونجاحه في واقع الحياة المعاشة، مما جعل الكثير من الناس يلتفتون إليه ويعملون على دراسته والتعرف عليه، وهذا يستدعي تمثيلا صحيحا للإسلام من أبنائه، خاصة في مجتمعات غير المسلمين.
وحتى نكون من الدعاة على بصيرة وحكمة، أضع بين يديك - أختي الفاضلة - هذه النقاط الهامة التي تعين كل من تصدى للدعوة إلى الله. أولا- خطوات لا بد منها: 1- معرفة كافية بالمدعو:
فلن تنجح دعوة يجهل فيها الداعية من يدعوه، والعملية الدعوية قائمة أساسا على هذه المعرفة، ومما يحسن معرفته الأمور التالية:
* التعرف على معتقداته الدينية، وما إذا كان يتبع مذهبا ما، والتعرف على ثقافته الخاصة إذا كان لا يتبع ديانة، والأولى أن يدعو من هو أقرب للإسلام.
* التعرف على عاداته وتقاليده، بحيث نحدد ما كان منها قريبا للإسلام متفقا معه، وما كان منها بعيدا عنه حتى لا تصطدم به أولا، ولتجعله ضمن خطتك ومادتك التي ستحاوره بها وتعلّمه إياها لاحقا.
* التعرف على واقعه واحتياجاته وهمومه ومشاكله.
* التعرف على أفكاره وتوجهاته وشبهاته، وترتيبها بشكل موضوعي يبدأ بالأصول قبل الفروع، وبالأهم قبل المهم.
* التعرف على المداخل التي تؤثر فيه، وفي هذا يُنصح أن نترك له المجال بداية ليتحدث ويطرح المواضيع التي يريد، حتى نعرف ما إذا كان يميل للعقل أو العاطفة، وبذلك نملك مفاتيح قلبه وعقله بإذن الله، وفي هذا بقول ابن مسعود رضي الله عنه: "ما أحد يحدث قوما بحديث لا تبلغ عقولهم إلا كان فتنة على بعضهم". 2- إعداد النفس:
لا بد أن يبدأ الداعية بتهذيب نفسه وإعدادها ودوام تفقدها حتى يكون قدوة لمن يدعوه، يصدّق عمله قوله، ومن أهم ما يتوجب عليك هنا:
* إخلاص النية لله عز وجل والبعد عن الرياء وحب الشهرة والمنفعة الدنيوية، وتذكري في هذا أن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في الإخلاص من الأصول التي قام عليها الدين، وهو: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى" رواه البخاري.
* التثقيف المستمر، والذي يجعلك متمكنة من المعلومات الأساسية في مختلف العلوم الدينية والفكرية والعلمية والأدبية والفلسفية وغيرها، حتى تختصر الزمان وتحصد المزيد من النتائج، ونعرف هنا أن المدعو يتأثر بالداعية وينجذب إليه ما دامت هناك ثقافة ومعلومة يتميز بها. * الأسلوب الحسن، وفي ذلك عدة أمور: - يلزمك التعرف على مهارات الحديث والإقناع، وأن تراعي في أسلوبك أن تتكلمي وأنت واثقة بما تقولين، فمن يعرض فكرته وهو متردد لن يجد القبول لها.
- لا بد من مخاطبة المدعو حسب فهمه واستيعابه، وحاولي أن تربطي حديثك بكلام بعض مفكريهم ورجالهم، وربما ببعض الأمثال الشائعة عندهم.
- من الضروري مراعاة آداب الكلام، من الحديث بهدوء، وإعطائه الفرصة للكلام، لأن الأمر هنا في مقام الحوار لا الوعظ.
- تحديد نقطة للحوار، لا أن يتشعب الحديث لنقاط مختلفة دون استيفاء كل نقطة حقها، ويحضرني هنا قصة أحد الدعاة الذي بدأ يحاور أحد العلمانيين الرافضين للحجاب، ولما طال بهم النقاش التفت الداعية لأمر هام، فتحدث إلى محاوره وقال له: لما لا نتكلم عن الإسلام أصلا، ونتفق على كونه مصدرا للتشريع في كل زمان ومكان قبل أن نتحدث في مسألة فرعية، فوافق الرجل وبذلك استطاع الداعية أن يحسن إدارة الحوار بأسلوبه وفهمه.
- التزام التدرج في عرض المعلومة والصبر على المدعو، ومراعاة اهتماماته وميوله، فإذا مال للعقلانية لا بد أن نعرض له اهتمام الإسلام بالعقل واحترامه له وتوجيهه خير وجهة، وإن مال إلى العلم نحدّثه بالإعجاز والحقائق العلمية التي في القرآن والسنة، ويفيد فيها سلسلة الشيخ عبد المجيد الزنداني، وهارون يحيى، وأذكر هنا حسن أسلوب النبي عليه الصلاة والسلام وحواره مع المدعوين، وذلك عندما جاءه عمران بن حصين بوالده ليدخل الإسلام - والحديث رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب -، فسأله النبي عليه الصلاة والسلام: "كم تعبد يا حصين؟"، فقال: ثمانية: سبعة في الأرض وواحد في السماء، فأخذ النبي عليه الصلاة والسلام يسأله: "فأيهم تعدُّ لرغبتك ورهبتك؟"، وما زال يسأله حتى أقنعه في النهاية أن الذي في السماء هو الأحق بالعبادة، فكان بذلك اقتناعه ودخوله الإسلام.
فتكلم معه الرسول صلى الله عليه وسلم بما يفهم ويحتاج، ولم يعرض له الإعجاز أو المخلوقات أو ما شابه.
* تنويع الوسائل: هناك وسائل مباشرة وغير مباشرة نستطيع بها طرق قلب المدعو وعقله وعاطفته، فمن الوسائل المباشرة: اللقاءات، والزيارات، والإهداء، والمحاضرات والدروس، والأشرطة السمعية والمرئية، والكتب والنشرات، والتعريف بالمراكز الإسلامية وبالدعاة.
ومن الوسائل غير المباشرة: التلطف، واللين، وكسب المودة، وطلاقة الوجه، والمرونة، ومشاركته همومه وأحزانه، ومساعدته ماديا ومعنويا بانضباط حتى لا تنعكس الغاية المرادة.
ولا بد لهذه الوسائل أن يراعى فيها الفئة العمرية للمدعو، والميول الخاصة، والتنويع والتجديد. 3- المادة الدعوية:
وهي عبارة عن الأفكار والآراء التي تنوي إيصالها للمدعو، وبها تكون قد بدأت توظيف ما ذكرناه في النقطتين السابقتين "معرفة كافية بالمدعو – إعداد النفس".
وأنصحك أخي بما يلي:
* أن نستشعر بداية أن سلوكنا يجب أن يسبق قولنا معه، وأن أية فكرة أعرضها عليه ستسهل بإذن الله ما دمتُ أنا مقتنعا بها، عاملا بمقتضاها.
* أن نبدأ معه بتعزيز العلاقة بينكما لتقوم على المودة والألفة والثقة، فالإنسان يغير في الآخرين أكثر كلما زادت محبتهم له، وفي هذا قال الشاعر:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ....... فطالما استعبد الإنسان إحسان
* أن نبدأ معه بالنقاط المتفق عليها قبل المختلف فيها، وبالأصلية قبل الفرعية، فالحديث عن وجود الله يسبق الحديث عن وحدانيته، والحديث عن الشرك بالله يسبق الحديث عن أنواع العبادة. والخلاصة أن ترتب أفكارك التي ستتناولها معه مراعيا التدرج والتقسيم المناسب.
ثانيا- موضوعات يمكن التطرق إليها:
أعرض لك بإيجاز أهم ما يمكنك التطرق إليه في بداية دعوتك له، على أن تأخذي منها ما يحتاجه المدعو، لأننا نعلم أن ما يلزم هذا المدعو لا يلزم بالضرورة غيره، وهذا ما نصفه بـ "أن نبدأ مع المدعو من حيث هو"، ومن هذه الأمور:
وأنصح هنا أن يعلم أن دخوله الإسلام لا يعني أنه تارك لأهله ووطنه وقومه، بل إن الإسلام يوجبه ويلزمه بالمحافظة على بلده وأهله وقومه من أي سوء، وأعظم السوء انحرافهم عن طاعة الله وتوحيده وعبادته، وأن عليه جهدا مضاعفا الآن بحسن معاملتهم والتودد إليهم حتى يعلموا أن الإسلام يهذب النفوس ويحسّن الأخلاق، فتكون بدايته صحيحة وترغيبه لمن حوله بالإسلام أكثر قبولا.
هذا بعض ما جال في خاطري، آمل أن يعينك وأن تجدي فيه ما تريدين.
أسأله تعالى أن يوفقك ويفتح لك قلوب عباده، إنه سميع مجيب الدعاء، وحبذا أن تتواصلي معنا فيما يجدّ لك من إيجابيات أو سلبيات لنفيد منها وننتفع بها.
منقول للفائدة
ولقد بشّر النبي صلى الله عليه وسلم أمته عندما قال:
(لئن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خيرٌ لك من أن يكون لك حمر النعم) رواه البخاري
1- بيان عظم الكون والمخلوقات وأن لها خالق وموجد قادر على أن يوجدها من العدم، وعجز البشر أو الطبيعة أن تخلق من ذلك شيئا، كما أنه الذي أنعم علينا بنعم السمع والبصر والحركة، وأعطانا العقل الذي ميّزنا به عن سائر المخلوقات. 2- هذا الخالق واحد أحد، وهو يتصف بصفات الكمال والجلال، وقد خلقنا لنعبده، لذا لا يجوز أن نعبد سواه أو أن نلجأ إلا إليه أو نتوكل إلا عليه، ويمكنك أن تعرضي كيفية المعبودات التي يتعبدها الناس "أصنام، حيوانات، كواكب..."، وأن الإسلام يدعو لعبادة الله الخالق الرازق المحيي المميت دون غيره، وأنه سيحاسب الناس على أعمالهم.. إما ثوابا للمحسنين، وإما عقابا للمسيئين. 3- وحتى نتعرف على كيفية عبادة خالقنا ومعرفة أوامره ونواهيه أرسل الله لنا الرسل والأنبياء ليعلموا الناس ويرشدوهم إلى طريق الهداية، فأرسل لكل زمان نبيا يدعو قومه خاصة، إلى أن أرسل الله محمدا عليه الصلاة والسلام - وهو خاتم الأنبياء والمرسلين - بدين الإسلام، والذي هو مكمّل لما جاء قبله من الشرائع التي نزلت، وفي هذا أقول أن الإسلام يعتبر اليهودية العهد القديم، والمسيحية العهد الجديد، والإسلام العهد الأخير، وهذا يعني أن الأنبياء والرسل إخوة جاؤوا جميعا لتأكيد عبادة الناس لربهم، وكان أول الرسل نوح وآخرهم محمد على الجميع الصلاة والسلام. 4- لا بد من الحديث في هذه المرحلة عن أن الإنسان غير مخلد، وأن حياته بيد الله، ووجوده في هذه الدنيا لعبادة الله، وهذا هو الاختبار الأساسي في رحلة الحياة، وعليه أن يعد نفسه للقاء الله بعمل صالح واعتقاد صحيح، وألا يجعل التقليد يلزمه بما يخالف العقل والفطرة والنقل السليم، بل عليه أن ينزع القيود المحيطة به ليتعرف إلى الخالق الأوحد، وليسلك طريق الهداية عن قناعة وفهم واطمئنان، وهذا ما سيجده في الإسلام. 5- وهنا تكونين قد بدأت مع المدعو في الأساس الذي يجعلك تحدثينه بأركان الإيمان مع شرح مبسط لها، مع ربط دائم بالخالق الأوحد، وبشرح أركان الإسلام التي يقوم عليها الدين، وبالتعريف بخصائص الإسلام التي تميز بها من جهة، والتي جعلته صالحا لكل زمان ومكان من جهة أخرى.. "الربانية، الإنسانية والعالمية، الشمول، التكامل، التدرج، المرونة، الواقعية..."، ولا يحسن أن تقارني له بين الإسلام وبين ديانته إلا أحيانا، وبلفتات سريعة حتى لا تستفزيه وتحدثي عنده إعراضا بعد أن تمكنت من إقناعه بالأصل وهو وجود الله ووحدانيته. 6- يمكنك أن تردي على بعض الشبهات التي يعتقدها - وهذه تحتاج منك لعلم ودراية، وقد تحتاجين لطلب المساعدة ممن هو أعلم منك أحيانا، أو لتأجيل المناقشة حتى تتمكني من الرد عليها بموضوعية وعلمية - ولكن لا بد لك أن تبدئي معه بالشبهات الكبيرة قبل الصغيرة، وبما يجده شبهة في نفسه قبل الذي سمع عنه لكنه لا يعتقد به، ومن أبرز الشبهات التي تعرض عادة: سلامة القرآن من التحريف، صحة بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، تعدد الزوجات، مكانة المرأة، الإكراه في الدين، الحجاب، علاقة الإسلام بالإرهاب، الجهاد... إلخ. 7- تعريفه بكيفية الدخول في الإسلام، وأنه ليس مجرد تلفظ بكلمة أو جملة، بل إنه يعني تخليه عن أي اعتقاد بغيره، ولزوم الخضوع لأوامره ونواهيه، ولا نستعجل عليه أملا أن نقطف الثمرة سريعا، بل لا بد أن نتأكد من أنه راغب باعتناقه من صميم نفسه، وأن دخوله الإسلام لا يرتبط بمصلحة نفعية كزواج من فتاة أو تحصيل عمل أو تأشيرة لدخول بلد مسلم أو ما شابه؛ ولا تنسي أن هناك الكثير ممن دخل الإسلام قبل أن يستقر في قلبه سبب انتكاسة لمن حوله عندما تراجع عن اعتناقه وانقلب عليه. 8- في حالة اعتناقه الإسلام علينا أن نبادر إلى أن نجعل إشهار إسلامه في بيت الله، بعد أن تنسق مع إمام المسجد أو مدير المركز الإسلامي، ليوضع اسمه ضمن قائمة معتنقي الإسلام، وليضم اسمه لفعاليات المراكز والمساجد ونشاطاتها، وليتم السير معه في المناهج المعدة لمثله من المسلمين الجدد، كما يمكن إعطاؤه شهادة تشير إلى اعتناقه الإسلام، وإشراكه في العمل في بعض الأنشطة الدعوية حتى يكون تفاعله أكبر وأعمق. 9- لا بد أن نعلم أنه إن أبى دخول الإسلام يعني أن الهداية لم تكتب له بعد، وربما يكون ذلك بعد مدة لا يعلمها إلا الله، فلا نحزن، لأننا أدينا ما علينا من تعليمه وتبليغه وتوضيح الحجة له، كما لا بد أن نستمر على علاقة طيبة معه، ولا نشعره أبدا أن عدم دخوله الإسلام يعني أنه بات عدوا، بل لا بد أن يجد منا الصبر الذي يرافقه الشفقة عليه من بقائه على حاله، ونتواصل معه حسب الاستطاعة، ثم نبدأ مع غيره ونحن ندعو الله عز وجل له بالهداية.
| |
|